من كتاب: المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف و وهج القافية
(كبد وجراحك الخضراء)
الاستاذ معروف عبد المجيد
لا تقترب يا نجمُ، وابق هناك محجوباً بأسداف الزمن
لا تحرق الدنيا بطلعتكَ الوضيئةِ حين تولَدُ..
فالظلام يلوك فاكهة الخلودِ
وألفُ عاصفة تهبُّ وتكسر الأمواج والقمر المعلّق في الصواري المائساتِ
وتستبيح البسمة الحسناءَ في ثغر السُفنْ
لا تدنُ من أرض يلذُّ لها الهجوعُ، وتستكين ذليلةً..
فوق التواريخ الكسيحةِ والمرايا السودِ والحمّى.. وأكتاف المحنْ..!
وانظر إلى هذا الوجودِ تجده قفراً، لا تداعبه النسائم والخزامى..
والرياحين الطريّةُ والبحيرات العِذاب، ومهرجان الطير والروضُ الأغنّْ..!
واربأ بهامتك الكريمة عن عوالمنا الذميمة.. إذْ هَوَتْ مزقاً محرّقةً بأخدود الفتنْ..
واعبر مدارات الحياةِ
فكأس(جعدة) دائرٌ يسقي الحماماتِ النبيلةَ والأحبّةَ.. والوطنْ..
وارحم ثكالى الخلق.. والأمل المذهّب في بطون الاُمّهاتِ
وهدأةَ الرّيف الملفّع بالطفولةِ واشتعال الشيب في رأس المُدن.
فالأرض أضعف طاقةً من أن تراك تجود بالنفس الزكيّة مرّة اُخرى
وتقتل يا حسن!!
إرفق بنا..!
فعيوننا لم تكتحل بالنور دهراً..
وتعوّدت أجفانُنا برموشها السوداءِ أن تغفو..
وتحلمَ أنّ أشواكَ الظلامِ غدت نجيمات.. وزهرا
حتى مآقينا.. ترجّح أن تشبّ الاُمنيات الزغْبُ.. في أرحامها البتراءِ جمرا
فإذا صحت.. ورأتك واقعها المضيءَ تحيَّرت..!
وهي التي لم تحتضن أهدابُها من قبل.. لألاءً.. وبدراً
حتى المآذن.. والسواقي.. والفصول الخضرُ ما عادت تؤذّنُ
أو ترشُّ على التلال ندىً وتكبيراً.. وغزلاناً وزغردة وعطرا
حتى المواسمُ.. والمواكبُ والكواكبُ
لم تعد تُضفي على الأعشاشِ.. والأعشاب والليل الحزينِ بشاشةً سكرى..
وإشراقاً.. وسحراً..
حتى الليالي لم تعد تنأى ليلتمس الحيارى البائسون هدىً وأسحاراً.. وفجراً.
حتى المحافلُ.. والرحيلُ الحلوُ في زهو الذُّرى والاُمسياتُ ودهشةُ الشُعراءِ
ما عادت تفيض على السهول وهودج العشاقِ وحياً.. وارتعاشاتٍ وشعراً
فإذا أتى الميلادُ يحمل للحزانى فرحةً.. ونبوءة تشدو.. وبشرى
وتفجّرت آفاق هذا الشرق نوراً
وهجُهُ:
طه، وحيدرةٌ، وزهرا..
فلتبتهج يا عمرنا الخالي من الفرحِ المجنَّحِ فهي ذكرى.. أيُّ ذكرى..!!
وتجيء تسبح في الدّماءِ وفي رؤاك الطفُّ، والعطش الرهيبُ
وشهقةُ الأطفال، والشفق النحيلْ..
وأخوك ممدودٌ على وجه الثَّرى كالكون. أضجعه الزمان على الرمال
فبدؤهُ: قِدَمُ الخليقةِ
والنهاية.. في امتداد المستحيل
وأخوك شعشعةُ النجوم على الممالكِ واشتعالاتُ التجلّي واقتدارُ الضوء..
والمشكاة.. والقنديلْ
وأخواك جمهرةٌ من الأفلاكِ ترفض أن تحطّ على الترابِ
وأن تذوب مع انطفاءات الأصيلْ
وأخوك جلجلة الفوارسِ والتماعات السيوفِ
تضنّ أن تهوي.. فيسكتها الردى
وتدوسها ضعة السنابك وانتكاساتُ الخيولْ..!
وأخوك زلزلةُ الملاحمِ وازدهاراتُ الفتوحِ وثورةُ البركان.. والغزواتُ
والفَرَسُ الأصيلْ
وأخوك خامس خمسةٍ تحت الكساءِ، الله سادسهم.. وجبرائيلْ
وأخوك جوهرةُ الإمامةِ وانفجارُ الوحي.. والقولُ الثقيلْ..
وأخوك أسفار البشارةِ و(المؤيّدُ) للمسيح وصرخةُ الشهداء في التنزيلْ
وأخوك هدهدةُ الولايةِ بين أحضان النبيِّ ومعجزات المرسلين وفلكُ نوحٍ
والأساطيرُ المجيدة، والشرائعُ، والنقوشُ..
وآية الرهبان في ديرٍ على بَرَدى وأسرارُ النبوءات الخبيئة في ضفاف النيلْ
وأخوك أحزانُ الفراتِ وولولاتُ البدو في غسق الخيام
وأنّة الأنسام في سعف النخيلْ
وأخوك أوصال النهارِ تناثرت فوق المدائن وانشطار الشمس والخطب الجليلْ
وأخوك حُرقتنا.. وآهتنا وقصّتنا التي اختزلت بها الدنيا حكاياها العجيبةَ..
فهي تقصرُ.. كي تطول..!
فأخوك عاشوراءُ والقتل المحرّمُ والدم المطلولُ والدمع الهطولُ
وأخوك راسٌ ناشرٌ حُمْرَ الجدائلِ
واختضاب الجرح في وجع الضفائر
والتهاب البوح في هلع الذهولْ
وأخوك أنفاسٌ.. وأوردةٌ
تمزّقها الضغائن.. والنصولُ
وأخوك عزفٌ.. كالعواصف في متاهات المدى
وأخوك نزفٌ.. كالسيول
وأخوك تقدمةٌ.. وأضحيةٌ ومذبحةٌ.. تجولْ!
وأخوك زينبُ.. والسبايا والرسالة.. والرسولْ
وأخوك مأتَمُنا الموشّح بالسوادِ تنوح فيه الحور من أزلٍ
وتندبُ فيه حواءٌ، وآمنةٌ ومريمُ، والبتولُ
وأخوك قبتنا الذبيحة في جنائز كربلاء
تمدُّ كفّيها المخضبتين بالدم للسماء
وتشتكي لله أحفاد المغولْ
وأخوك سامرّاءُ.. والأملُ المغيّبُ في الضمائر والمشاعر والعقولُ
وأخوك نكبتنا.. ومحنتنا الحبيسةُ في ذراري النسلِ جيلاً بعد جيلْ
وأخوك: أنت.. وأنتما: أنتمْ..
وأنتم كلكم حيٌّ كدفق النبض في قلب الحياة
وكلّنا.. نحن القتيلْ..!
يالي.. ويا لربابتي الرعناءِ كيف تميتني صمتاً
لتعزف ما تمنّت أن تقولْ..!!
قد كنت أرجو أن أصوغ قصيدةَ الميلادِ
في هذا المساءِ الطلقِ لكنَّ الحسين..
جراحُهُ سكنت فمي
فتحوّلت فيه الأغاريد البهيجة نوحةً
وتحوّل النّغم الطروبُ إلى عويل..!!
يا كلَّ آياتِ النبوّةِ والأناشيد النديّةِ في شفاه المصطفى..
يا سبطه المسمومَ.. قامَ ومزّق الأكفانَ وهو يطوف حول البيت.. متّئداً
ويسعى بين مروةَ.. والصفا
قعدوا.. ولم تقعد..!
ولكنّ الخيانةَ في(النّخيْلةِ)
وانكفاءات القبائلِ حمّلتك من الشدائد ما كفى..!
خذلوك، وانتهبوا المصلّى والمتاعَ ونازعوك بساطك النبويَّ
ثم تأمّلوا أن يُسلموك إلى ابن هندٍ حيلةً.. وتزلّفاً..!
غصصٌ.. على غُصصٍ..!!
وهم من جرّعوا أضعافها - يوماً - أباكَ.. فما احتفيت.. وما احتفى..!
طعنتكَ شرذمةُ النّفاقِ
ولو تخيّرت القتالَ
بدا من الغدر المُبيّتِ.. ما خفى!
يا عزَّ هذا الدين
كم ذُلّتْ رقابٌ خالفتكَ
وكم من الفرسان حين البأسِ صار مخالفاً..!
صلحٌ.. به حُقنت دماءٌ لو جرت.. لأتوا على الثقلين
موجدةً.. وحقداً تالداً.. وتعسفاً
عهدٌ.. به بيّضت وجه المسلمين
فبئس مَن جافى.. وعزّك في الخطاب وأرجفا..!
لو لم يكن نصراً.. فكيف بغى معاوية عليك وما وفى..؟!
مهَّدْتَ للثوار دربَهمُ الطَّويلَ فحمحمت خيل الحسين
وأدرك التاريخ أن النخل حين يموت من ظمأٍ يظل على الدوام مرفرفاً..
ومعانقاً هامَ السماءِ وواقفاً.
يا أيّها المظلومُ.. أمنحك الفؤادَ مفتّتَ الرئتينِ يخفقُ.. نازِفاً
اُهديك في الميلاد تاريخاً، وشمساً لا تغيبُ ومُصْحَفا.
• الاستاذ معروف عبد المجيد:
قصيدة معروف عبد المجيد سياحة عريضة في أصقاع الوقائع، وانتقالة واسعة الخطى في مساحات الحقائق، وهذه السياحة أو الانتقالة لا يحلو لها الإقامة في مكان ولا يحلولها التعشيش على غصن معيّن، فهي سفر متواصل يعوّل على وحدات المعنى وسعة المضامين أكثر من اطمئنانه في الإخلاص للقول الشعري.
والشاعر بمقارباته النظمية لتفاصيل الحقائق ووثاقتها، يحاول أن يردم فجوة عميقة قائمة بين الواقعة التاريخية - وهي البعد الغائر والمستتر من الوقائع - وبين عملية الإبداع الشعري.
وبسبب إخلاص الشاعر للجوانب والمستويات المعنوية والمضمونية والفكرية نرى في شعره مسحة منطقية مستحكمة، فألفاظه مثلاً لا تنحرف كثيراً عن وظيفتها لتسلك مسالك الإيحاء أو الإيماء أو الترميز، فهي مهتمة بنقل الحقيقة المنطقية عبر نظام توصيل يصوغ التعبيرات صياغة إخبارية، فلو نظرنا إلى مقاطع القصيدة لرأينا أنّ كلّ مقطع قائم على وحدات منطقية منظّمة تنظيماً يتجاوز الجمال لصالح الحقيقة، ففي كل مقطع وحدة مضمونية مسؤولة عن نقل التعبير إلى المتلقّي بحبكة منطقية محكمة، أو هناك سرد محبوك بدراية منطقية واضحة. فمعروف عبد المجيد يهتمّ بنقل التعبير ليوصله للمتلقّي عبر أدوات لا تؤكّد هويتها الشعرية، ويكفي أنّه ينقل التعبير ولا يعبّر، وبالنتيجة فهو ميّال إلى البرهنة على قضاياه بالأدوات الشعرية وهذه الطريقة أو الاُسلوب - أي استخدام الشعر لتنفيذ وظائف اُخرى ربّما يقتل الشاعرية أو يخنق ما هو شعري في تجربة معروف عبد المجيد المعرفية الواسعة.
إنّ معالجة الشاعر لقصيدته لا تكتفي بوجودها أو حضورها المتطلّع إلى آفاق الجمال والفن، فهو يشحنها - بتفان - بآفاق معرفية يعرض من خلالها أفكاره وتوجّهاته ووعيه التاريخي بشكل مباشر، فهو لا يميل إلى الكشوفات الإيحائية التي يجب أن تصبغ الفنون بصبغاتها الحدسية، بل يميل إلى إخضاع التجربة الجمالية لرغبات ذهنية عقلية تقول: إنّ الحقيقة هي الجمال، والجمال هو الحقيقة فهو مع قول أحدهم:
وكم يبدو الجمال أشدّ حسناً * * * بما تهب الحقيقة من جمال
ومع وجع الحقيقة انعكست رؤى الشاعر مأساوية الظلال، فجائعية الإشعاع لتبعد الفرح عن مسار القصيدة وسياقها منذ الخطوة الاُولى التي عانقت(لا) الناهية بكل حدّة ليقول:
لا تقترب يا نجم..
ليلحق هذه الحدّة عبر فعل الأمر(ابق) ليواصل التحذير:
وابق هناك محجوباً بأسداف الزمن
ويطغى الألم على التصوّر ليجعل النور محرقاً فيخاطبه ناهياً أيضاً:
لا تحرق الدنيا بطلعتك الوضيئة
وعبر مشاعر الخوف والخشية والرهبة من تكرّر المأساة يستمر خطاب الشاعر للإمام الحسن عليه السلام بالعرض والتوسّل والطلب والرجاء وتعود(لا) الناهية مرّة اُخرى لترجو وتتوسّل:
لا تدن من أرض يلذ لها الهجوع
ويستسلم الشاعر لسوداويّة مطلقة، فهو يؤبّد الظلام ويجعله خالداً بتصوّر اُسطوري واضح الدلالة:
فالظلام يلوك فاكهة الخلود
ويشحن الجو المأساوي العام بتفاصيل الكارثة فهناك:
الف عاصفة تهبّ
وهناك أيضاً:
التواريخ الكسيحة والمرايا السود والحمّى
ويعود الشاعر ليتوكّأ على طلباته وتوسُّلاته بعدم الحضور، فيواصل رحلته مع أفعال الأمر(انظر، اربأ، اعبر، ارحم) ليعلن إعلاناً هو إلى خيال الأماني أقرب من الحقيقة التاريخية ليقول: إنّ الأرض لا يمكنها استقبال الإمام عليه السلام إذا أراد أن يجود بدمائه مرّة اُخرى.
في المقطع الثاني يحدث بعض الانفراج من ضغط الأحزان والواقع المأساوي المحاصِر لرؤى الشاعر، فيبتدئ من فعل الأمر المتوسِّل بالإمام الحسن عليه السلام.
ارفق بنا.. فعيوننا لم تكتحل بالنور دهراً
لنصل بعد رحلة سرديّة بتفاصيل الأوجاع عبر تداعيات متواصلة ومتداخلة إلى منطقة صغيرة يعالج الشاعر بدايتها ب(لام الأمر) ليقول:
فلتبتهج يا عمرنا الخالي من الفرح المجنّح فهي ذكرى.. أي ذكرى
ويدخلنا الشاعر إلى مقطع قصيدته الثالث باستهلال فاجع عن الإمام الحسن عليه السلام:
وتجيء تسبح في الدِّما
وهذا الاستهلال قابل لقراءتين؛ الاُولى تبدو فيها الولادة والمجيء سابحتين في الدماء، أمّا الثانية فيمكننا أن نتصوّر فيها مجيء ذكرى الولادة لا الولادة نفسها، على أنّ الشاعر أراد ان يتخلّص إلى موضوع مركزي يتحدّث فيه ويسهب عن الإمام الحسين عليه السلام فأكمل شطره هكذا:
في رؤاك الطف والعطش الرهيب وشهقة الأطفال والشفق النحيل
ليبدأ التخلّص في الشطر الثاني:
وأخوك ممدود على وجه الثرى
ليعرض الشاعر في أطول مقاطع القصيدة مأساة الحسين عليه السلام في صور تقرّر تفاصيل المأساة وتنقل استنساخاً مقارباً لذاك الحدث التاريخي، ومع تكرار لفظة(أخوك) ٢٤ مرّة تنثال التداعيات المجاورة للوقائع لتخبرنا وتحقّق وظيفة الإبلاغ ونقل التعبير المُصاحِب للمعلومات ولدقائق الاُفق المعرفي الذي يريدنا الشاعر ان نطّلع عليه داخل حلّته الشعرية.
ونظراً لهذا الإخلاص في استخدام الأداة الشعرية لإنجاز وظائف حياتية اُخرى، أفلتت بعض المتطلّبات الأساسية المرادة في الجانب الإجرائي التنفيذي لعملية بناء القصيدة.
فمع تدفّق القصيدة بتفعيلات بحر الكامل عانت بعض الخلل الإيقاعي الذي جاء به الشاعر بتجوّز واضح، فبعد انتظام المقطع الأوّل مع صحيح الكامل، والمقطع الثاني مع الكامل المرفّل، ابتدأ الشاعر مقطعه الثالث مع الكامل المذيّل، أي انّه كان يضيف حرفاً ساكناً إلى تفعيلات نهايات الأشطر في(النحيل، المستحيل) إلاّ انّه أورد(القنديل) وهو معالج عروضياً بزحاف وعلّتين، فالزحاف هو الإضمار حين سكّن الحرف الثاني المتحرّك من تفعيلة بحر الكامل(مُتَفاعلن) فتحوّلت إلى(مُتْفاعلن أو مستفعلن)، ثمّ عالج الناتج بعلّة الحذف عندما حذف الوتد المجموع من(مستفعلن) فبقي(مستف) وهذا الناتج يقابل تفعلية الخبب(فعلن)، ثم ذيّل هذه التفعيلة عندما أضاف حرفاً ساكناً إليها فأصبحت(فعلان) وهي وزن(قنديل) وهذه المعالجة لا تقابل ما قبلها إيقاعياً مع كون القافية متّحدة، وتكرّر هذه الكسر الإيقاعي في مواقع اُخرى(جبرائيل، التنزيل، النيل).
ويصل الشاعر إلى مقطع قصيدته الرابع، ليبرّر لنا ما يمكن تسميته بضغط الحزن على رؤاه وأبعاد تصوّراته الشعرية:
قد كنت أرجو أن أصوغ قصيدة الميلاد
في هذا المساء الطلق
لكن الحسين.. جراحه سكنت فمي
وبعد التبرير المختصر بشطرين يمثّلان مقطعاً كاملاً يعود الشاعر في مقطع قصيدته الأخير للسرد التاريخي الذي يعمّق المأساة والحزن والألم ثانية، فيذكر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأمير المؤمنين عليه السلام، وخيانة النخيلة وخذلان القبائل وصلح الإمام الحسن عليه السلام. بحيث تغلب اللغة النثرية التقريرية الإبلاغية الإخبارية على أشطر المقطع الذي لم يوفّق الشاعر فيه إلى اكتشاف أرضية جمالية، أو انّنا نقول انّه رأى أن يسمّي الأشياء والمفاهيم والأفكار بمسمياتها المباشرة بدون أن يعطي للتأمّل الشعري فرصة لطرح ما يعادل الأفكار شعرياً فنقرأ:
بيَّضت وجه المسلمين
أو:
لو لم يكن نصراً فكيف بغى معاوية عليك وما وفى؟
ووصل المستوى التعبيري إلى حدّ المفارقة في استخدامه للفظة(الفؤاد) وهي لفظة يتبادر معناها إلى ذهن المتلقّي انّه(القلب) فكيف استخدمت بهذا الشكل المنافي لمعناها في:
يا أيّها المظلوم أمنحك الفؤاد مفتّت الرئتين
فالقلب هنا له رئتان مفتّتان وهذا خلل واضح على المستوى الدلالي، يضاف إلى خلل في نظام التقفية عندما استخدم الشاعر القوافي التالية(مخالفاً، ما كفى، ما خفى، ما وفى، واقفاً، نازفاً) وهذا من عيوب القافية الذي يسمّى ب(سناد التأسيس).
احدث المقالات
الشبهة الرابعة عشر: شبهة عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام في بيتها عند قبر جده صلى ا