البحوث والمقالات
2019/06/19
 
9943
القاسم بن الحسن عليهما السلام
أمّه أمّ أبي بكر ، يقال : إنّ اسمها رملة. روى أبو الفرج عن حميد بن مسلم قال :
خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر ، وفي يده السيف وعليه قميص وإزار ، وفي رجليه نعلان فمشى يضرب بسيفه فانقطع شسع إحدى نعليه ولا أنسى أنّها كانت اليسرى ، فوقف ليشدّها ، فقال عمر بن سعد بن نفيل الأزدي : والله لأشدّنّ عليه. فقلت له : سبحان الله وما تريد بذلك؟! يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه من كلّ جانب ، فقال : والله لأشدنّ عليه ، فما ولّى وجهه حتّى ضرب رأس الغلام بالسيف ، فوقع الغلام لوجهه وصاح : يا عمّاه.
قال : فو الله لجلّى الحسين عليه كما يجلى الصقر ، ثمّ شدّ شدّة الليث إذا أغضب فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنّها من لدن المرفق ، ثمّ تنحّى عنه ، فحملت خيل عمر بن سعد ليستنقذوه من الحسين ، فاستقبلته بصدورها وجالت فتوطّأته ، فلم يرم حتّى مات ، فلمّا تجلّت الغبرة إذا بالحسين على رأس الغلام وهو يفحص برجليه
والحسين يقول : « بعدا لقوم قتلوك ، وخصمهم فيك يوم القيامة رسول الله. ثمّ قال : عزّ على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا تنفعك إجابته ، يوم كثر واتره وقلّ ناصره ».
ثمّ احتمله على صدره ، وكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام تخطّان في الأرض ، حتّى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين ، فسألت عن الغلام ، فقالوا : هذا القاسم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (1).
وقال غيره : إنّه لما رأى وحدة عمّه استأذنه في القتال فلم يأذن له لصغره ، فما زال به حتّى أذن له ، فبرز كأنّ وجهه شقّة قمر ، وساق الحديث إلى آخره كما تقدّم (2).
أتراه حين أقام يصلح نعله / بين العدى كيلا يروه بمحتفي
غلبت عليه شآمة حسنية / أم كان بالأعداء ليس بمحتفى
قال الشاعر :
أيا أبتا لا تزل عندنا / فإنّا بخير إذا لم ترم
عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
امّه بنت الشليل بن عبد الله البجلي ، والشليل أخو جرير بن عبد الله ، كانت لهما صحبة.
قال الشيخ المفيد : لمّا ضرب مالك بن النسر الكندي بسيفه الحسين على رأسه بعد أن شتمه ألقى الحسين عليه‌السلام قلنسوته ودعا بخرقة وقلنسوة ، فشدّ رأسه بالخرقة ولبس القلنسوة واعتمّ عليها ، رجع عنه شمر ومن معه إلى مواضعهم ، فمكث هنيئة ، ثمّ عاد وعادوا إليه وأحاطوا به ، فخرج عبد الله بن الحسن من عند النساء وهو غلام لم يراهق ، فشدّ حتّى وقف إلى جنب عمّه الحسين عليه‌السلام ، فلحقته زينب لتحبسه فأبى
فقال لها الحسين : « احبسيه يا أخيّة » ، فامتنع امتناعا شديدا ، وقال : والله لا أفارق عمّي. وأهوى بحر بن كعب إلى الحسين بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي؟ فضربه بحر بالسيف ، فاتّقاه الغلام بيده ، فأطنّها إلى الجلد فإذا هي معلقة ، فنادى الغلام : يا أمّاه ، فأخذه الحسين عليه‌السلام وضمّه إليه ، وقال : « يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ، فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين » ثمّ رفع الحسين عليه‌السلام يديه إلى السماء وقال : « اللهمّ أمسك عليهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض ، اللهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم بددا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترضي الولاة عنهم أبدا ، فإنّهم دعونا لينصرونا ، ثمّ عدوا علينا فقتلونا » (3).
وروى أبو الفرج : إنّ الذي قتله حرملة بن الكاهن الأسدي (4).
وروى أبو مخنف وغيره أنّ يدي بحر هذا كانتا تنضحان في الصيف الماء وتيبسان في الشتاء كأنّهما العود (5).
ويمضى في بعض الكتب ويجري على بعض الألسن أبحر بن كعب (6) ، وهو غلط وتصحيف.
عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام
أمّه زينب العقيلة الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأمّها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.
قال أهل السير : إنّه لمّا خرج الحسين عليه‌السلام من مكّة كتب إليه عبد الله بن جعفر كتابا يسأله فيه الرجوع عن عزمه ، وأرسل إليه ابنيه عونا ومحمّدا فأتياه بوادي العقيق قبل أن يصل إلى مسامنة المدينة ، ثمّ ذهب عبد الله إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامل المدينة فسأله أمانا للحسين ، فكتب وأرسله إليه مع أخيه يحيى ، وخرج معه عبد الله فلقيا الحسين عليه‌السلام بذات عرق (7)
فأقرأه الكتاب فأبى عليهما وقال : « إنّي رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي فأمرني بالمسير وإنّي منته إلى ما أمرني به » ، وكتب جواب الكتاب إلى عمرو بن سعيد ففارقاه ورجعا ، وقد أوصى عبد الله ولديه بالحسين واعتذر منه (8).
قالوا : ولمّا ورد نعي الحسين ونعيهما إلى المدينة كان عبد الله جالسا في بيته فدخل الناس يعزّونه ، فقال غلامه أبو اللسلاس : هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين. فحذفه عبد الله بنعله وقال : يا ابن اللخناء ، أللحسين تقول هذا؟! والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه ، والله إنّهما لممّا يسخّي بالنفس عنهما ويهوّن عليّ المصاب بهما أنّهما أصيبا مع أخي وابن عمّي مواسين له صابرين معه ، ثمّ أقبل على الجلساء فقال : الحمد لله أعزز عليّ (9) بمصرع الحسين أن لا أكن آسيت حسينا بيدي ، فقد آسيته بولدي (10).
قال السروي : برز عون بن عبد الله بن جعفر إلى القوم وهو يقول :
إن تنكروني فأنا ابن جعفر
شهيد صدق في الجنان أزهر
يطير فيها بجناح أخضر
كفى بهذا شرفا في المحشر
فضرب فيهم بسيفه حتّى قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا ، ثمّ ضربه عبد الله بن قطنة الطائي النبهاني بسيفه فقتله (11).
وفيه يقول سليمان بن قتّة التيمي (12) من قصيدته التي يرثي بها الحسين عليه‌السلام :
عيني جودي بعبرة وعويل / وأندبي إن بكيت آل الرسول
ستة كلّهم لصلب علي / قد أصيبوا وسبعة لعقيل
واندبي إن ندبت عونا أخاهم / ليس فيما ينوبهم بخذول
فلعمري لقد أصيب ذوو القر / بى فبكّي على المصاب الطويل
ويمضى في بعض الكتب أبو السلاسل وهو تصحيف (13).
( قطنة ) : بالقاف المضمومة والنون بينهما طاء.
( النبهاني ) : بالنون والباء المفردة منسوب إلى نبهان بطن من بطون طيء.
محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام
أمّه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل (14).
وأمّها هند بنت سالم بن عبد العزيز (15) بن مخزوم ابن سنان بن مولة بن عامر بن مالك بن تيم اللات بن ثعلبة ، وأمّها ميمونة بنت بشر ابن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عكابة بن صعب بن علي (16).
قال السروي : تقدّم محمّد قبل عون إلى الحرب ، فبرز إليهم وهو يقول :
أشكو إلى الله من العدوان
فعال قوم في الردى عميان
قد بدّلوا معالم القرآن
ومحكم التنزيل والتبيان (17)
فقتل عشرة أنفس ، ثمّ تعاطفوا عليه ، فقتله عامر بن نهشل التميمي.
وفيه يقول سليمان بن قتّة من القصيدة المتقدّمة على الولاء :
وسميّ النبي غودر فيهم / قد علوه بصارم مصقول
فإذا ما بكيت عيني فجودي / بدموع تسيل كلّ مسيل
المصادر :
1- مقاتل الطالبيين : ٩٢ ، بتفاوت في النقل وسقط في بعض الكلمات. راجع الإرشاد : ٢ / ١٠٨.
2- البحار : ٤٥ / ٣٤.
3- الإرشاد : ٢ / ١١١.
4- مقاتل الطالبيين : ٩٣.
5- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٣ ، الكامل : ٤ / ٧٧.
6- في الإرشاد : ٢ / ١١٠ : أبجر بن كعب.
7- ذات عرق : مكان في طريق مكّة وهو الحد بين نجد وتهامة. راجع معجم البلدان : ٤ / ١٠٧.
8- الإرشاد : ٢ / ٦٨ ـ ٦٩ ، والكامل : ٤ / ٤٠.
9- في الإرشاد : عزّ عليّ.
10- الإرشاد : ٢ / ١٢٤.
11- المناقب : ٤ / ١٠٦ بتفاوت.
12- قال القمّي : سليمان بن قتة التابعي الخزاعي الشيعي ، قيل إنّه أوّل من رثى الحسين عليه‌السلام ، مرّ بكربلاء فنظر إلى مصارع شهداء الطف فبكى حتّى كاد أن يموت .. راجع الكنى والألقاب : ١ / ٣٨٣.
13- في الإرشاد ٢ / ١٢٤ : أبو السلاسل.
14- في مقاتل الطالبيين ٩٥ : وأمّه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
15- في المقاتل : سالم بن عبد الله بن عبد الله بن مخزوم.
16- في المقاتل زيادة : بن بكر بن وائل.
17- المناقب : ٤ / ١٠٦.

احدث المقالات


(16) ولادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السّلام)

موقف عائشة من دفن الامام الحسن (عليه السلام)

الشبهة الرابعة عشر: شبهة عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام في بيتها عند قبر جده صلى ا

كرم الإمام الحسن ( عليه السلام )

الشبهة الحادية عشر: شبهة عدم التصريح باسم الإمام الحسن عليه السلام في القرآن يستلزم نفي إمامته

(39) فضائل الإمام الحسن عليه السّلام

(41) صلح الإمام الحسن عليه السلام الأسباب.. الأهداف

(3) التهم الموجهة للإمام الحسن عليه السلام