شهادة
الحسن عليه السلام طبياً
لتحميل
المقال اضغط
هنا
البحث
يسلط الضوء على اسباب شهادة الإمام الحسن عليه السلام من الناحية
العلمية الطبية، لأستكشاف نوع السم الذي سُقي به الإمام الحسن
عليه السلام، إعتماداً على الروايات الواردة في هذا الصدد، والتي
نصت على الأعراض التي ظهرت على جسم الإمام الحسن عليه السلام، من
أجل التوصل الى نوع المادة السمية ومصدرها.
فرضية
الطب الشـرعي حول وفاة الحسن عليه السلام في القرن السابع: التسمم
بكلوريد الزئبق
نيكول
بيرك، ميتشل جولاس، سايروس رأفت، وعليار موسوي
ملخص:
تم
استخدام الأساليب القانونية والعلمية الحديثة لاستنتاج فرضية حول
وفاة غامضة حدثت في العصور الوسطى. تم تحليل وفاة الحسن بن علي في
عام 669 وعمره 45 عامًا بناءً على مصادر مكتوبة تحتوي على شهادات
شهود عيان حول الأحداث التي تم تسجيلها في المصادر التاريخية. بدأ
التحليل بتقرير عن تسمم شخص آخر يعيش في نفس المنزل الذي كان
يسكنه الحسن عليه السلام، وقد شهد نفس الأعراض، على الرغم من أنها
لم تكن قاتلة. باستخدام الوثائق القديمة من العصور الوسطى
واستنادًا إلى الحقائق المعدنية والطبية والكيميائية، تم افتراض
أن مادة الكالوميل المعدنية كلوريد الزئبق Hg2Cl2، والتي كانت
تأتي من منطقة معينة في الإمبراطورية البيزنطية (التركية الغربية
في الوقت الحالي)، كانت المسؤولة بشكل أساسي عن وفاة الحسن عليه
السلام.
الكلمات المفتاحية:
الحسن،
كالوميل، التسمم، كلوريد الزئبق
وفاة
الحسن بن علي عليه السلام في العصور الوسطى تعتبر غامضة ومحاطة
بالأسرار. الحسن وُلد من فاطمة، ابنة النبي محمد N، وكان ابن علي
بن أبي طالب عليه السلام، الذي كان آخر الخلفاء المعترف بهم من
قبل المؤرخين العرب، وشائعاً يُشار إليهم باسم «الخلفاء
الراشدين». عند المواجهة مع معاوية بن أبي سفيان الذي نصب نفسه
خليفة للمسلمين، قرر الحسن عليه السلام الانسحاب والهدنة، وقد صرح
بأن الهدنة مع معاوية هي أسلم للناس وأحفظ لدمائهم وحياتهم.. بعد
ثمان سنوات من هذا الانسحاب، توفي الحسن في عام 669 وهو في سن
الـ45 فقط. على الرغم من أن البعض لا يستبعدون أن الحسن عليه
السلام توفي على فراشه بمرض عابر، إلا أن علماء الدين المسلمين
عمومًا يعتقدون بشكل عام أن وفاته نتجت عن عملية تسميم
قاتلة.
ونظرًا
لعدم توفر معلومات التشـريح، تعتبر الروايات التاريخية المتاحة هي
الدليل الوحيد للتحقيق في حالات مثل وفاة الحسن من الناحية
العلمية. تشير بعض الروايات إلى أن الحسن عليه السلام كان على
فراش الموت، وسأله أخوه الأصغر الحسين أن يكشف عن هوية المسمم،
لكنه رفض ذلك (بغية عدم توريط أي شخص بريء):
ومع
ذلك، تشير الروايات إلى أن السم دُسّ إلى شخصين، وهما الحسن عليه
السلام الذي أدى إلى وفاته وإمرأة أخرى نجت من
الموت.
في
حادثة دسّ السم، عملت جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي على تسميم
الحسن بن علي عليهما السلام، وقد دست السم إلى مولاته في
ذات الوقت. لكنها تقيأت السم الذي تناولته، ولكن بقي في جوف الحسن
عليه السلام ليتوفى بعد ذلك.
تذكر
هذه الرواية أن جارية الحسن عليه السلام التي تناولت السمّ تقيأت
السم لتنجو بحياتها. وهذا يشير إلى أن هذا الحادث يمكن أن يُعتبر
دليلاً محتملاً على محاولة اغتيال الحسن عليه السلام. ولكن لم يتم
التوثيق بشكل محدد في التقارير التاريخية القديمة بشأن نوع السم
المستخدم، وبالتالي يصعب الاستناد إلى الروايات التاريخية
المتوفرة لتقديم دليل قطعي من ناحية الطب الشـرعي بشأن وفاة
الحسن.
برادة الذهب أم الكالوميل المعدني؟
ذكرت
المصادر الشيعية والسنية على حد سواء أن جعدة دست شراباً مسموماً
إلى الحسن عليه السلام. ونظرًا لعدم جواز تناول المشـروبات
المسكرة مثل النبيذ في الشـريعة الإسلامية، فيجب أن يكون المشـروب
المسموم خاليًا من الكحول. وحسب بعض الروايات كان الشـراب المسموم
لبناً. وتصف إحدى الروايات السم الذي أُعطي للحسن عليه السلام على
أنه كان برادة من الذهب. ولكن هل هذا ممكن من منظور علم السموم؟
الذهب عنصـر كيميائي غير نشط نسبيًا، ويستخدم عادة في طب الأسنان.
يمكن أن يذوب في حمض الهيدروكلوريك المركز في وجود عامل مؤكسد قوي
(على سبيل المثال، في خليط من حمض الهيدروكلوريك المركز وحمض
النيتريك المركز). ليس حمض الهيدروكلوريك في المعدة البشـرية
بتركيز عالٍ، ولا يحتوي على مركبات مؤكسدة قوية. لذا، من الصعب
تصديق أن الذهب نفسه كان المادة السامة المستخدمة في المشـروب.
وللكشف عن مادة السم، يجب أن نأخذ في الاعتبار المصدر الجغرافي
للسم.
في
الرواية التي ذُكرت في المقدمة فإن احدى نساء الحسن دُس إليها
السم، وهكذا نفهم بأن هناك مؤامرة وتخطيطاً مسبقاً للحادثة لوجود
غيرة بين النساء. ومع ذلك، يُشير ماديلونج إلى أن زواج الحسن عليه
السلام من النساء لم يكن أكثر من المتعارف بين أقرانه في ذات
الطبقة الاجتماعية. ولذا قد تكون دوافع سياسية وراء مقتل الحسن
عليه السلام. على الرغم من تنازل الحسن عليه السلام عن الخلافة،
إلا أنه اشترط ألا يكون هناك تعيين لخليفة بعد معاوية بل يُترك
الأمر للجنة تختار الخليفة. ومع ذلك، عندما توفي معاوية عام 680،
قام بترشيح ابنه يزيد خلفاً له، وأمر بتكريمه. وهناك روايات في
المصادر الشيعية والسنية، تشير إلى أن التسميم كان وراء قتل الحسن
عليه السلام بتحريض من الخليفة. وتذكر بعض الروايات أنه من أجل
القضاء على الحسن عليه السلام، كتب الخليفة إلى الإمبراطور
البيزنطي، وطلب منه تنفيذ ذلك. وأرسل الامبراطور مشـروباً مسموماً
بشروط معينة رغم رفضه في البداية. وكانت هناك توترات سياسية سائدة
بين الامبراطورية البيزنطية وبين العرب عام 669 (العام الذي توفي
فيه الحسن عليه السلام).
كانت
تركيا الحالية تقريبًا الجزء الأساسي من الإقليم البري الذي كانت
تسيطر عليه امبراطورية بيزنطة في عام 668، وهذا كان قبل حوالي عام
من وفاة الحسن عليه السلام. وفي غرب تركيا الحالية، يمكن العثور
على أكثر من 50 منجمًا يحتوي على معادن تحتوي على رواسب من
الزئبق. ويتم استخراج الزئبق من خامه الرئيسـي، وهو الزنجفر
(والذي يُعرف أيضًا بكبريتيد الزئبق الثنائي،HgS)، وكان يُستخدم
في مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط منذ حوالي عام 500 قبل الميلاد
لاستخراج المعادن بواسطة عمليات التعدين ويجب التنويه إلى أن
الزئبق لا يشتهر بأداء وظائف بيولوجية معروفة، وله تاريخ طويل من
التأثيرات السامة وعلى سبيل المثال، كان كلوريد الزئبق الثنائي
(HgCl2)، والذي ربما تم تصنيعه لأول مرة على يد الكيميائيين العرب
في القرن العاشر، يُستخدم على نطاق واسع على أنه مادة سامة في
العصور الوسطى. هل تحتوي مناجم الزئبق في غرب تركيا على أنواع من
الزئبق تشبه الذهب من حيث الشكل والمظهر؟
على
الرغم من تخلي المناجم عن استخدامهما منذ الثمانينيات، إلا أن
منجم توركو نو وحاليكوي لا يزالان يُعتبران مواقعً بارزة لاستخراج
الزئبق في تركيا. يقع منجم هاليكوي في منطقة تتضمن صخورًا متحولة،
تشمل النيس والشست. تحتوي هذه المنطقة على رواسب من الزئبق، ويوجد
الزنجفر والميتاسينابار في الشقوق الأرضية بالمنطقة. وتتضمن مواقع
المناجم أيضًا وجود رواسب من البيريت والماركاسيت والكالكوبايرايت
والأرسينوبيرايت والكوارتز والكالسيت بالإضافة إلى اكتشاف معدن
الكالوميل (كلوريد الزئبق Hg2Cl2) على أنه معدن ثانوي في المناطق
المؤكسدة بجانب الزنجفر والكالسيت والليمونيت. ويمكن أن يظهر
الكالوميل على شكل قشـرة من اللون الذهبي، ويشكل بلورات رباعية
الزوايا تظهر في تشكيلات متنوعة بما في ذلك التكوينات الجدولية
والمنشورية والهرمية.
تم
استخدام التقييمات البيئية في مواقع مناجم تركيا بواسطة برامج
حاسوب للمساعدة في تحليل عينات التربة والمياه. أشارت النتائج
التي تم الحصول عليها باستخدام برامج مثل
Aquachem وPHREEQCi11 إلى وجود تشبع زائد بالكالوميل في
عينات المياه التي تم جمعها بالقرب من منجم هاليكوي، إلى جانب
وجود الكوارتز والزنجفر.
مقارنة
الأعراض المذكورة في الروايات مع أعراض التسمم بالزئبق الناتج عن
استهلاك الكالوميل
من
دون إجراء تشـريح للجثة أو أي اختبار تشخيصـي آخر، يصبح من
المستحيل تحديد المادة التي سممت الحسن Q. ومع ذلك، يمكننا أن
نستنتج نوع السم المستخدم من خلال مقارنة الأعراض المذكورة في
الروايات مع أعراض التسمم بالزئبق الناتج عن تناول
الكالوميل.
بعض
الأعراض السـريرية التي وردت في وفاة الحسن عليه السلام تشمل تغير
لون البشـرة إلى اللون الأخضـر، والقيء المصحوب بالدم. هذه
الأعراض يمكن أن تنتج من تناول الكالوميل والتسمم
بالزئبق.
تنقل
الروايات أن الحسن عليه السلام كان يعاني من احمرار البشـرة. يمكن
أن يحدث هذا بسبب تلف الكلى الناجم عن التسمم بالكالوميل. يؤثر
الكالوميل على الكلى، ويتسبب في تلف الأنابيب الكلوية، مما يمكن
أن يؤدي إلى فشل كلوي حاد. هذا النوع من الفشل الكلوي يمكن أن
يسبب تغير لون البشـرة إلى اللون الأخضـر نتيجة لفقر الدم الناجم
عن نقص الهيموجلوبين. والهيموجلوبين هو البروتين المسؤول عن حمل
الأكسجين في الجسم، والنقص في هذا البروتين يمكن أن يؤدي إلى فقر
الدم. تلك الأعراض تظهر عادة مع الشحوب، وهو أحد الآثار الجانبية
المعروفة للتسمم بالكالوميل. فقر الدم الناجم عن نقص الهيموجلوبين
يمكن أن يحدث بسبب نقص الخلايا الحمراء في الدم. إذا حدث فشل كلوي
حاد، فإن هرمون الإريثروبويتين الذي يساعد على إنتاج الخلايا
الحمراء في العظام قد يكون مفقودًا بسبب تلف الأنابيب الكلوية.
سيؤدي هذا الأمر إلى عدم تكوين خلايا دم حمراء جديدة، مما سيتسبب
في انخفاض مستوى الهيموجلوبين وظهور الشخص بمظهر رمادي أو
أخضر.
تذكر
الروايات أن الحسن قد تقيأ دمًا. ومن المعروف أن الآثار التي
يسببها التآكل للكالوميل على الجهاز الهضمي تشمل التلف والتهيج
للمريء. وتذكر الروايات أيضًا أنه كان يتقيأ كبده. تستخدم اللغة
العربية كلمة الكبد للإشارة إلى عضو الكبد أو الأعضاء الداخلية
بشكل عام. إذا حدث تقرح في المريء، من الممكن أن يحدث نزيفًا
معينًا. عندما يصل الدم إلى المعدة، فإنه يتكتل ويمكن أن يتخثر،
مما يؤدي غالبًا إلى القيء بشكل مشابه للقهوة المفلترة. وقد يكون
هناك أيضًا وجود دم أحمر طازج مع نزيف في المريء. يعرف هذا النوع
من القيء بالقيء المصاحب للدم وغالبًا ما ينجم عن التهاب المريء
أو نزيف القرح أو بعض أنواع السرطان.
وبما
أن الطب البشـري في القرن السابع لم يكن متطورا بالشكل الذي
نلاحظه اليوم، فإن اللغة العربية كانت تفتقر إلى مصطلحات طبية
دقيقة. ولذلك بدل استخدام مصطلحات علمية دقيقة، وصفت الروايات
حالة الحسن الذي كان يعاني من تجلط الدم وقد وصفت هذه الروايات
حالة الحسن وكأنه يتقيأ كبده. نلاحظ اليوم ايضا أنه لا يزال الناس
في بعض المناطق الريفية في العالم العربي، يستخدمون عبارة (تقطع
كبدي) للإشارة إلى حالة تجلط الدم بعد القيء.
تشير
بعض الروايات إلى أن الحسن تقيأ أجزاءً من كبده، والتي يمكن أن
تكون متخثرة في الدم الذي تم تقيؤه، وتشبه قطع الكبد أو أعضاءه
الداخلية بسبب القيء.
الكبد
هو أحد الأعضاء التي تتأثر بشكل واضح نتيجة التسمم بالزئبق من
الكالوميل، وذلك بسبب تراكم رواسب الزئبق في النظام الوريدي
البابي الكبدي. الكبد هو عضو يحتوي على شبكة من الأوعية الدموية
الدقيقة، وتسمى الشعيرات الكبدية، والتي تحتوي على فتحات تصفية
وتسمح بمرور خلايا الدم الحمراء من خلالها. تتميز هذه الشعيرات
بقدرتها على التفاعل مع الزئبق بشكل خاص من خلال الارتباط
بالسلفهيدريل، والذي يتم نقله أيضًا عبر الدم. تعتبر هذه الشعيرات
إحدى المناطق التي يتم فيها تدمير خلايا الدم الحمراء عند التلف،
والتي تسمح بتراكم الزئبق بعد تصفيته من الدم.
الكالوميل
المائي الذي يتم ابتلاعه من قبل الجسم يتحول إلى مادة سامة، والتي
تعتبر أكثر ضررًا من الكالوميل نفسه. بعد الابتلاع، يتأكسد
الكالوميل المائي (Hg2Cl2) ليصبح مسببا للتآكل (HgCl2)، وذلك بفضل
وجود حمض الهيدروكلوريك (HCl) في المعدة. هذا التفاعل، كما يظهر
في المعادلة، يتطور بشكل كامل عند درجة حرارة الجسم البشـري
الطبيعية (37 درجة مئوية).
لا
يتم امتصاص الكالوميل بكميات كبيرة في أنسجة الجسم، ومع ذلك، يكفي
للإصابة بفقر الدم كما ذُكر سابقًا. ويُعتقد أن تأثيرات التآكل،
مثل تقرح الأمعاء، تزيد من كمية الكالوميل الممتصة بسبب انهيار
الحواجز الواقية مثل الأغشية المخاطية، التي تمنع الامتصاص قبل
الضـرر. في هذا السياق، تشير الروايات بأن الحسن قد دُس إليه السم
عدة مرات. فإذا كان التسمم الأول هو الذي تسبب في حدوث هذا
الضـرر، فإن حالات التسمم اللاحقة كانت ستسمح بكمية أكبر من
الكالوميل أو «المواد المسببة للتآكل» بالامتصاص.
في
القرون اللاحقة، وبالأخص في نهاية القرن الخامس عشـر حينما كان
هناك تفشٍّ لمرض الزهري في أوروبا، كان الكالوميل يُستخدم بشكل
روتيني كعلاج للمصابين بالمرض. السؤال هنا هو كيف يمكن أن يكون
الكالوميل الذي تناوله الحسن قاتلًا؟
1.
عدد مرات تسميم الحسن عليه السلام ليس معروفًا بدقة من الناحية
التاريخية. بعد التسمم النهائي، ووفقًا لبعض الروايات، تقول إنه
تم تسميمه ثلاث مرات على الأقل، ووفقًا لبعض الروايات الأخرى،
تشير إلى أنه تم تسميمه أربع مرات على الأقل. فإن عدد مرات تناوله
للكالوميل كان كبيرًا جدًا بحيث قد لا يمكن أن ينجو
بحياته.
2.
حسب بعض الروايات، فإن المرة الأخيرة التي تناول الحسن عليه
السلام فيها السم، كان على إفطار بعد صوم يوم حار. إذا كان الأمر
كذلك، فمن الممكن أنه تناول كمية كبيرة من المشـروب الذي يحتوي
على الكالوميل المائي، والذي يتحول بالكامل إلى المادة الآكلة في
معدة الإنسان حسب المعادلة الكيميائية.
3.
نفس المعادلة الأيونية الصافية يمكن كتابتها للتفاعل بين أي أحماض
في المشـروب غير الكحولي «المراد تناوله» والكالوميل المائي في
المشـروب، مما يؤدي إلى تكوين الزئبق، وهو الزئبق في المادة
المسببة للتآكل. ومن الأمثلة على المشـروبات غير الكحولية العربية
الشائعة في القرن السابع الماء بالعسل ومشروب الزبادي، وكلاهما
يحتوي على أحماض.
4.
من الممكن أن يكون الكالوميل المختلط بالمشـروب مصحوبًا بشكل
طبيعي ببعض المواد السامة الأخرى.
الاستنتاجات:
يشير
اللون الأخضـر على جلد الحسن عليه السلام إلى فشل كلوي حاد والذي
تزامن بشكل واضح مع التسمم بالكالوميل. يظهر الكالوميل المعدني في
شكل قشـرة ذهبية اللون، وفي المرحلة الصلبة المسحوقة، يمكن أن
تمزج بسهولة مع برادة الذهب، وهي هوية المادة السامة حسب الروايات
المذكورة. تشير الروايات إلى أن السم قد تم دسه الى الحسن عليه
السلام وإلى إحدى نسائه في المنزل. وبناءً على مصادر تاريخية
متعددة، يشير ذلك إلى أن زوجة الحسن جعدة هي المشتبه بها في حادثة
الاغتيال.
كان
هناك عدد كبير من مناجم الزئبق التي تحتوي على الكالوميل في غرب
تركيا في العصور الوسطى، وهو ما كان يقع ضمن نطاق الامبراطورية
البيزنطية في ذلك الوقت. حاول الخليفة ترشيح ابنه ليكون وريثًا
له، وقد قام بذلك بالفعل بعد وفاته. كان الحسن عليه السلام عائقًا
كبيرًا أمام تحقيق هذا الهدف، حيث حاول الخليفة أن يضمن رسميًا
أنه لن يكون له الحق في تعيين وريثه. كما هو معتاد في الأسر
الحاكمة، يعتبر الاغتيال خيارًا مناسبًا. وتشير الروايات إلى أن
الخليفة قام بمحاولة استدراج الامبراطور البيزنطي بواسطة كتابة
رسالة يطلب فيها مشـروبًا مسمومًا، وهذا يُعتبر دليلاً واضحًا في
التخطيط لاغتيال الحسن عليه السلام، وتشير الروايات إلى أن
الامبراطور استجاب لهذا الطلب.
لم
تقم السلطات بتشـريح الجثة أو إجراء تحقيق قضائي في ذلك الوقت،
ولكن لا يمنع هذا الأمر بأخذ استنتاجات شهود العيان. وتُظهر
الحقائق المعدنية والطبية والكيميائية الفرضية أن وفاة الحسن عليه
السلام نتجت عن التسمم بالكالوميل (كلوريد الزئبق). هذه الفرضية
الجنائية متطابقة مع الموقف التاريخي الموجود في الروايات
المذكورة التي تشير إلى أن جعدة قد دست السم إلى الحسن عليه
السلام بتحريض من الخليفة وبمشاركة الامبراطور
البيزنطي.
شكر وتقدير:
يود
عليار موسوي أن يشكر الأسماء التالية على المساهمات في إنجاز هذا
البحث:
1.
الأستاذة ندى خربيك، معلمة اللغة العربية في أكاديمية البوكيرك،
لمساعدتها في فهم بعض النصوص العربية المستخدمة في هذا
المقال.
2.
الأستاذة وفاء الهتماني، مديرة المشـروع في العالم العربي للخدمات
الطبية، لأبحاثها ومداخلاتها اللغوية.
3.
الدكتور رمضان دولتي، أستاذ علم النفس في كلية مجتمع شمال
فيرجينيا، على تعليقاته البناءة.
احدث المقالات
الشبهة الرابعة عشر: شبهة عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام في بيتها عند قبر جده صلى ا