حديث: (استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك)
بقلم : الدکتور محمود البستانی
نص الحديث
قال الإمام الحسن (عليه السلام): استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك.
دلالة الحديث
هذه المقولة تظل من النصوص الشرعية المتسمة بوضوحها وبعمقها في آن واحد، إنها تطرح مهمتنا العبادية في الحياة، وتحثنا علی ممارستها قبل أن يلف الموت البشر وقد رسمها الإمام الحسن (عليه السلام) عبر صورة فنية هي: الصورة الرمزية، لكن ما يهمنا الآن هو: أن نعرض لدلالة الحديث، فماذا نستلهم منه؟
لا نتأمل طويلاً حتی ندرك سريعاً بأن الموضوع يتصل بفلسفة وجودنا علی الأرض، حيث إن الله تعالی خلقنا لكي نمارس وظيفة عبادية تبعاً لقوله تعالی: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ). لذلك فإن المطلوب هو: أن يكون الإنسان ذكياً ما دام هو أساساً يبحث عن الإشباع لحاجاته الفكرية والنفسية والمادية، إن هذا الإشباع لا يتحقق إلا من خلال الالتزام بمبادئ الله تعالی حيث رسمها لنا في ميدان العقائد والأحكام والأخلاق، وهي ما طالبنا الإمام الحسن (عليه السلام) بممارستها قبل أن يفوت الأوان، أي قبل أن يخترقنا الموت، حيث لا فائدة عندئذ أو لا مجال بعد الموت من تلافي ما يفوتنا من العمل المطلوب.
المهم الآن هو: ملاحظة الصياغة الفنية لهذا الموضوع، أي: ضرورة أن يكون الإنسان ذكياً، وذلك بأن يمارس وظيفته العبادية قبل أن يأتيه الموت.
بلاغة الحديث
تتمثل بلاغة الحديث المتقدم، بكونه قد ارتكز إلی صورة فنية هي: الصورة الرمزية، حيث رمز الإمام الحسن (عليه السلام) بعبارة (استعد لسفرك) إلی ضرورة أن يكون الإنسان ذكياً في معرفة وظيفته العبادية التي خلق الله تعالی الإنسان من أجلها، ورمز (عليه السلام) بعبارة (حصل زادك قبل حلول أجلك) إلی العمل فعلاً بما رسمه تعالی لنا من المبادئ المرتبطة بالعقائد والأحكام والأخلاق، قبل أن يأتي الموت.
والمهم هو: ملاحظة هذين الرمزين: الاستعداد للسفر، ثم تحصيل الزاد قبل الموت. فما هي دلالتهما؟
واضح، أن الاستعداد للسفر يتناسب تماماً مع الاستعداد لممارسة وظيفتنا في الحياة، وهي: العمل بالمبادئ التي رسمها تعالی. وواضح أيضاً: أن تحصيل الزاد يتناسب في سفره مع الحاجة إلی الغذاء، والغذاء هنا هو الرمز الدال علی ضرورة الإسراع والمسابقة لعمل الخير، أي: العمل بالمبادئ المذكورة، بالنحو الذي أشرنا الآن قبل لحظات إليه.
احدث المقالات
الشبهة الرابعة عشر: شبهة عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام في بيتها عند قبر جده صلى ا