أهل البيت عليهم السلام على لسان الحسن بن علي عليهما السلام (2)
الكاتب: ناصر الباقري
قال أبو عبد الرحمن السلمي: (أتيت الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ في دار أبيه، وكان يقرأ عليَّ، وذلك في اليوم الذي قتل فيه علي ـ عليه السلام ـ، فقال لي إنه سمع أباه في تلك السحر يقول له: يا بني، رأيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في هذه الليلة في نومة نمتها، فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟!(1) فقال: ادع الله عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيراً لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني، ثم انتبه وجاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره الرجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، وأما الآخر فضربه في رأسه، وذلك في صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان صبيحة بدر)(2).
وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج٢ ص٢٤٥) عن الحسن البصري، وقال: (أخرجه أبو عمرو والقلعي).
عن عاصم بن ضمرة قال: (خطب الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ حين قتل علي ـ عليه السلام ـ، فقال: يا أهل العراق، لقد كان فيكم بين أظهركم رجل قتل الليلة واصيب اليوم لم يسبقه الاولون بعلم، ولا يدركه الآخرون. كان النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـإذا بعثه في سرية كان جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه)(3).
عن هبيرة بن يريم قال: (سمعت الحسن ـ عليه السلام ـ قام خطيباً فخطب الناس فقال: يا أيها الناس، لقد فارقكم امس رجل ما سبقه الاولون، ولا يدركه الآخرون، ولقد كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يبعثه البعث فيعطيه الراية، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، ما ترك بيضاء ولا صفراء إلاّ سبعمئة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً)(4).
عن أبي الطفيل قال: (خطبنا الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ، فحمد الله واثنى عليه، وذكر أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ خاتم الاوصياء، ووصي الانبياء، وأمين الصديقين والشهداء، ثم قال: يا أيها الناس، لقد فارقكم رجل ما سبقه الاولون، ولا يدركه الآخرون. لقد كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يعطيه الراية فيقاتل جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصي موسى، وعرج بروحه في الليلة التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ، وفي الليلة التي أنزل الله عزّ وجلّ فيها الفرقان. والله ما ترك ذهباً ولا فضة، وما في بيت ماله إلاّ سبعمئة وخمسون درهماً فضلت من عطائه، وأراد أن يشتري بها خادماً لأم كلثوم) الحديث(5).
عن زيد بن الحسن ـ عليه السلام ـ قال: (خطب الحسن ـ عليه السلام ـ الناس حين قتل علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، فحمد الله واثنى عليه ثم قال: (لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يعطيه رايته فيقاتل جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، ولا ترك على وجه الارض صفراء ولا بيضاء إلاّ سبعمئة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله) الحديث(6).
قال الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ: (قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: من سب علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله، ومن سبّ الله ادخله الله نار جهنّم خالداً فيها وله عذاب مقيم).
عن الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ: (أقسم بالله لو أنّ الناس سمعوا قول الله وقول رسوله لأعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان، وما طمعتَ فيها يا معاوية؛ ولكن لمّا أُخرجت سالفاً عن معدنها، وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة (إلى أن قال) وقد سمعت هذه الأمة قول النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ لأبي: إنه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي) الحديث(7).
عن الحسن بن علي قال: (كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لا يبعث عليّاً مبعثاً إلاّ أعطاه الرّاية)(8).
عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا جبرئيل بن احمد عن موسى بن جعفر البغدادي قال: حدثني الحسن بن محمد الصيرفي عن حنان بن سدير عن أبيه سدير بن حكيم عن أبيه أبي جعفر عقيصا قال: (لما صالح الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ معاوية بن أبي سفيان، دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال ـ عليه السلام ـ: ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت. ألا تعلمون أنني إمامكم مفترض الطاعة عليكم، وأحد سيدي شباب اهل الجنّة بنص من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّ؟ قالوا: بلى. قال: أما علمتم أن الخضر ـ عليه السلام ـ لما خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سخطاً لموسى بن عمران، إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة وصواباً؟ أما علمتم أنه ما منّا احد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه؟ إلاّ القائم الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ خلفه، فإن الله عزّ وجلّ يخفي ولادته ويغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة النساء، يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهر بقدرته في صورة شاب دون اربعين سنة، وذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير)(9).
أخرج الحافظ الكبير أبو العباس ابن عقدة أنّ الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ لمّا اجمع على صلح معاوية قام خطيباً، وحمد الله وأثنى عليه وذكر جدّه المصطفى بالرسالة والنبوة، ثم قال: (إنّا اهل بيت اكرمنا الله بالإسلام، واختارنا واصطفانا، وأذهب عنّا الرّجس وطهّرنا تطهيراً) إلى أن قال: (وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم، وقال لهم: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم أمرهم أن يبلّغ الشاهد الغائب)(10).
عن أبي جميلة أن الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ حين قتل علي ـ عليه السلام ـ استخلف، فبينا هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه، فتمرض منها أشهراً، ثم قام فخطب على المنبر فقال: (يا اهل العراق، اتقوا الله فينا؛ فإنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن اهل البيت الذين قال الله عزّ وجلّ: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)، فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد إلاّ باكياً)(11).
قال الحسن ـ عليه السلام ـ: (ما كان في الدّنيا اعبد من فاطمة ـ عليها السلام ـ، كانت تقوم حتّى تتورّم قدماها)(12).
عن الامام الحسن ـ عليه السلام ـ: (ألا أنبِّئكم ببعض أخبارنا؟ قالوا: بلى يابن أمير المؤمنين، قال: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا بنى مسجده بالمدينة واشرع فيه بابه واشرع المهاجرون والانصار (أبوابهم)، أراد الله عزّ وجلّ إبانة محمد وآله الأفضلين بالفضيلة، فنزل جبرئيل ـ عليه السلام ـ عن الله تعالى بأن سدُّوا الابواب عن مسجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قبل أن ينزل بكم العذاب، فأوَّل من بعث إليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يأمره بسدّ الابواب العباس بن عبد المطلب، فقال: سمعاً وطاعةً لله ولرسوله، وكان الرسول معاذ ابن جبل، ثم مرّ العباس بفاطمة ـ عليها السلام ـ فرآها قاعدة على بابها وقد أقعدت الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ، فقال لها: ما بالك قاعدة؟ انظروا إليها كأنّها لبوة بين يديها جرواها، تظنّ أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يخرج عمّه ويدخل ابن عمّه؟ فمرّ بهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال لها: ما بالك قاعدة؟ قالت: أنتظر أمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بسدّ الابواب، فقال لها: إن الله تعالى أمرهم بسدّ الابواب واستثنى منهم رسوله، و(إنّما) أنتم نفس رسول الله...)(13).
قال المسعودي: (قد كان عليّ ـ رضي الله عنه ـ وكرّم الله وجهه اعتلّ، فأمر ابنه الحسن ـ رضي الله عنه ـ أن يصلّي بالنّاس يوم الجمعة، فصعد المنبر، فحمد الله، واثنى عليه، ثم قال: (إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلاّ اختار له نقيباً ورهطاً وبيتاً، فو الذي بعث محمداً بالحق نبيّاً لا ينقص من حقّنا اهل البيت احد إلاّ نقصه الله من عمله مثله، ولا تكون علينا دولة إلاّ وتكون لنا العاقبة، ولتعلمن نبأه بعد حين)(14).
عن الحسن بن علي أنه قال: (يا معاوية بن خديج، إيّاك وبغضنا؛ فإن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: لا يبغضنا ولا يحسدنا احد إلاّ ذيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار)(15).
الهوامش:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأود التعب والمشقة، واللدد الخصومة الشديدة.
(2) الاستيعاب لابن عبد البرّ ٢:٤٧٠.
(3) كنز العمال ٦:٤١٢. وقال: (أخرجه ابن أبي شيبة).
(4) كنز العمال ٦:٤١٢. وقال: (أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل في مسنده، وأبو نعيم، وابن عساكر، قال واورده ابن جرير من طريق الحسن والحسين عليهما السلام).
(5) مجمع الزوائد للهيثمي ٩:١٤٦. وقال: (رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، وأبو يعلى باختصار، والبزّار بنحوه، ورواه أحمد باختصار كثير). وقال: (واسناد أحمد، وبعض طرق البزّار والطبراني في الكبير حسان).
(6) ذخائر العقبى ١٣٨. وقال: (خرّجه الدولابي).
(7) الاحتجاج ١: ٤٢٠.
(8) بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ٣:٤٤٨. والحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة.
(9) الاوسط للطبراني. ملحقات الاحقاق ٢٠:٣٢٩، جامع الاحاديث٩:٣٤. طـ. دمشق. مجمع الزائد ٩:١٢٤.
(10) كمال الدين١:٣١٥، وروي بعينه سنداً ومتناً أيضاً في كفاية الأثر ٣١٧، ونقل في البحار ٥٢:٢٧٩ عن الاحتجاج.
(11) راجع الغدير١:١٩٤.
(12) مجمع الزوائد للهيثمي٩:١٧٢، وقال: (رواه الطبراني، ورجاله ثقات)، وراجع أيضاً ملحقات احقاق الحق ٢٤:٢٩، واستجلاب ارتقاء الغرف بحب اقرباء الرسول:٢٧.
(13) البحار ٤٢: ٧٦.
(14) تفسير الامام: ١٧.
(15) مجمع الزوائد ٩: ١٧٢.
احدث المقالات
الشبهة الرابعة عشر: شبهة عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام في بيتها عند قبر جده صلى ا