الإمام الحسن عليه السلام رمز المظلومية الصامتة
الكاتب: السيد محمد باقر الناصر
إن المؤسف في حال هذه الأمة والمفارقة الكبيرة؛ أن هذه الشخصية العظيمة تعرضت في حياتها وعبر التاريخ لمظلومية هي من أعجب المظلوميات، وسأذكر فيما يلي بعضاً منها لنعرف مدى الظلم الذي وقع بحق أهل البيت المطهرين عليهم صلوات المصلين.
السابع من صفر يعيد لنا ذكرى مؤلمة، وهي ذكرى استشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن السبط (عليه السلام) اغتيالاً بالسم عام 50 للهجرة.
والإمام الحسن (عليه السلام) هو أنصع صفحات الخليقة طراً نسباً وحسباً وفضائل وشرفاً ومقاماً ومحتداً، ومن النادر أن نجد شخصية جمعت كل هذه المناقب مجتمعة، ويشاركه في معظم ذلك أخوه الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام).
إلا إن المؤسف في حال هذه الأمة والمفارقة الكبيرة؛ أن هذه الشخصية العظيمة تعرضت في حياتها وعبر التاريخ لمظلومية هي من أعجب المظلوميات، وسأذكر فيما يلي بعضاً منها لنعرف مدى الظلم الذي وقع بحق أهل البيت المطهرين عليهم صلوات المصلين:
1- ظلم سلام الله عليه فيما تعرضت له أسرته من الجفاء بعد ارتحال النبي صلى الله عليه آله خلافاً لوصايا الرسول، وفقد أمه سيدة النساء سلام الله عليها، وأقصى أبوه أمير المؤمنين (عليه السلام) الخليفة الشرعي بتعيين من الله تعالى ونص من النبي صلى الله عليه واله، بحيث اضطر سلام الله عليه مع ما يملك من سابقة ومؤهلات وأثر في الدين أن يدخل في شبه عزلة قرابة ربع قرن.
2- ومن المظلومية أن حياة الإمام الحسن (عليه السلام) بعد رسول الله وحتى خلافة أمير المؤمنين ـ وهو ابن الثلاثين إذ ذاك ـ ذهبت في الظل ولم تسلط عليها الأضواء، ولا نكاد نعرف عن هذه المرحلة شيئاً.
3- تعرض سلام الله عليه لأشد المظلومية بعد توليه الخلافة من قبل الأمة التي خذلته وما نصرته أمام تمرد معاوية وأهل الشام، هذا التمرد الذي بدأ في عهد أبيه واستمر في عهده طغياناً وعدواناً وطمعاً في الحكم، وتعرض لمحاولات اغتيال وخيانة من أقرب المقربين.
4- وأما الفصل الأوسع في الظلم فهو ما بدأ بعد صلحه مع معاوية، حيث بدأ الأمويون حملة تشويه لشخصية الإمام الحسن (عليه السلام)، فصوروه بأنه طالب عافية، وضعيف ليس من أهل الاضطلاع بالمسؤوليات، ومزواج يحب النساء.
5- ثم تمَّ اغتيال الحسن (عليه السلام) بالسم بشكل مفجع، وبقي يعاني منه فترة طويلة إلى أن قضى، ولم يؤاخذ قاتله معاوية، ولم يقف التاريخ والمؤرخون وقفة عدل وإنصاف ومحاكمة لقاتله، وبقي يتمتع بأوسمة خال المؤمنين وكاتب الوحي والصحابي وغير ذلك من الأوسمة المزيفة.
6- هتكت جنازته في تشييعه، ومنعت من دفنها بجوار جده رسول الله (صلى الله وعليه وآله)، وهو أحق الناس به واستلت بوجه الجنازة السيوف، ورشقت بالسهام.
7- ظلمه المؤرخون والعلماء فلم يعدوه حتى في جملة الخلفاء الراشدين كما زعموا، مع أن سمات الخلافة الراشدة تنطبق عليه بلا شك، ومع أنهم يروون عن النبي (صلى الله وعليه وآله): «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً» وبخلافة الإمام الحسن (عليه السلام) تكتمل الثلاثون سنة.
بل إنهم عندما يعدون الخلفاء الاثني عشر لا يعدون الإمام الحسن (عليه السلام)، ويعدون يزيد الفاجر وعبدالملك وأبناءه.
8- ولم تكفهم كل هذه المظالم، فجاء في العصور المتأخرة من هدم ضريحه والقبة المشيدة عليه، وحرمه الشريف اليوم أطلال، فكأنما تحسر هؤلاء أنهم لم يكونوا في جبهة معاوية آنئذٍ أمام شخص الحسن (عليه السلام)، فنالوا من قبره، ولم يراعوا حرمة النبي (صلى الله وعليه وآله) فيه.
فيا حسرتاه على الأمة حين تخطئ حظها وتحسب العدو ولياً والصديق عدواً.
احدث المقالات
الشبهة الرابعة عشر: شبهة عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن عليه السلام في بيتها عند قبر جده صلى ا