المحتويات
2015/10/12
 
15511
كلمة الإمام الحسن عليه السلام

كلمة الإمام الحسن عليه السلام

كلمة الإمام الحسن عليه السلام

تأليف: السيد حسن الشيرازي

الفهرس

المقدمة
إلهيات
الحمد لله
صفة الله
الله عارضنا
لا تناله الأوهام
القدر
لا جبر ولا تفويض
عفو الله
لطف الله
الجواد
القرآن
ولائيات
الولاية
الله أدّب نبيّه
علم آل محمّد
علم الإمام
علم أمير المؤمنين (عليه السلام)
الله يصوّر أهل البيت
نحن الأوّلون
لنا العاقبة
حبّنا
نحن الأبرار
الأئمّة منّا
انا الحسن بن علي
نحن احد الثقلين
اتقوا الله
إعقلوا عن ربّكم
من كان يباهي
لو دعوت الله تعالى
ما وراء الأرض
فيّ عزّة
الشيعي والمحب
يتيم آل محمد
عبادات
الصلاة
أهل المسجد
الاختلاف إلى المساجد
الزكاة
البيت والحجر
الله يباهي بعباده
مواعظ
جوامع الموعظة
استجيبوا لله
التقوى
المتقون
أهل النار
المبادرة إلى العمل
تزودوا
حبّ الدنيا
دار غفلة
المأكول والمعقول
النهي عن اللعب
تعزية
الاجمال في الطلب
يستجاب دعاه
الموت يطلبك
الموت
هول المطّلع
أخلاق
أخ كريم
صفات الأخ
تفسير الأخلاق الفاضلة
مكارم الأخلاق
فضائل
العقل
العقل والحلم
العقل والهمة والدين
المروءة
المروءة والكرم والنجدة
الصمت
الذل واللؤم والعقوق
الكبر والحرص والحسد
البخل
الناس أربعة
أحسن الناس
أشرّ الناس
شرّ الناس
اذا طلبتم الحوائج
لا تمدح ولا تكذب
السلام
التقبيل
آداب الطعام
غسل اليدين
لقطات من الاخلاق
العلم
علّم وتعلّم
حسن السؤال
سياسيات
السياسة
ما يجب على الملك
استنصار
غضبنا الله ولكم
رفض وتوبيخ
حكما بالهوى
شرط البيعة
استفتاء عامّ
اعلان الحرب
التعبئة الفكرية
تعاليم حربية
عبيد الدنيا
تخلّف الجيش
ابناؤكم على ابواب أبنائهم
استفتاء عام
معاوية خير لي
قرار المصير
اعذار
عند الله احتسب
حسبي منكم
تركت حقي لصلاح الأمة
كفوا أيديكم
سيوفهم علينا
على الملك
ولكني أردت صلاحكم
لا تعنفني
تباطؤ اصحابي
علمت ما ينفعني
سمعت كلامك
كرهوا الحرب
خشيت أن يجتثّ المسلمون
أردت حقن الدماء
لا تؤنبني
هو خير
جماجم العرب
لا تعذلوني
أنا إمام قمت او قعدت
إنّ الله بالغ أمره
رسائل
إنذار
أدخل في طاعتي
انا من اهل الحق
خطبي انتهى إلى اليأس
وثيقة الصلح
لو قاتلت احداً
شفعني في سعيد
للعاهر الحجر
سيصير اليها الآخرون
مناقضات
الحسن ومناوئوه (1)
الحسن ومناوئوه (2)
الحسن ومناوئوه (3)
الحسن ومناوئوه (4)
الحسن ومناوئوه (5)
الحسن ومناوئوه (6)
الحسن ومناوئوه (7)
الحسن على لسانه
الحق أبلج
نحن المغبوطون
لشد ما علوت به
ملكنا وملككم
ران على قلوبهم
ابليس شارك أباك
بل اراد الغدر
الشاتم علياً
انا ابن النبي
وصايا
لا تهرق محجمة دم
اصرفني إلى أمي
الحسين إمامك بعدي
الحسين خليفة بعدي
لا تترك الجهاد
متفرقات
ما خفي عليك شيء
الخضر يسأل
ألغاز وحلول
سجن المؤمن وجنة الكافر
لعلك شبّهت
فان قبلت الميسور
وانا سائل
تمام المروّءة
التهنئة بالولد
تحيّة المستحمّ
سقيت السم مراراً
ما وفى
أول يوم من الآخرة
لا يوم كيومك
حكم
شعر
قدم لنفسك
حان الرحيل
الدنيا
الحق أبلج
فمهلاً
عزمت تصبراً
فيم الكلام
ظل زائل
عاجلتنا
حين يسأل
السخي والبخيل
لو علم البحر
أسرعت فيّ المنايا
عندي شفاء الجهل
نسود أعلاها
السخاء فريضة
حياء
كسرة وكفن
فراق دار
قال العيون
أدعية
دعاء على باب المسجد
دعاء للقنوط
دعاء للاستسقاء
دعاء للدخول على ظالم
دعاء للدخول على كافرٍ
دعاء للدخول على الأشرار
دعاء للتّخلّص من ظالمٍ
احتجاب من المتربّصين
متفرقات
الشاهد والمشهود
خشوع الإمام عليّ
خذوا زينتكم
السّعي إلى الحجّ
أيّ فقيرٍ أفقر منّي
أبكي لخصلتين
اتّبع ما كتبت إليك
أموت بالسّمّ
صفة النّبيّ
أسئلة ملك الرّوم
أحاجي وحلول
ليعلم ما كان
ذبح ذاك وأحيا هذا
ترجم المحصنة
ما فضل فاهده
لعلّ سيّداً يرعاني
الغائط
ما بذل أعظم
أحضر ما عندك
لغاض من بعد فيضه
انصرفوا
تحاربوا من حاربت
أعلم أنّكم غادرون
أخبرتكم أنّكم لا تفون
نحن ذوو القربى
أعلم أنّك لا تفي
الخلافة لي
حقناً للدّماء
لا خير في الغدر
أحبّ أن لا تتعرّض له
يا عمّاه..
عبادة الله
مكانة المؤمن ودرك الكافر
الفكر
نصف ونصف
حسنة وحسنة
يصوّر الباطل حقّاً
لم ننتفع بالعلم
المتكلّف
الحرص
الدّنيا وديعة
حسرات ثلاث
الشّاة أعقل
طلب الآخرة
افعل خمسة أشياء
المسألة
من قلّ
صاحب النّاس
يومك
النّعمة
المعاجل والمؤجّل
أعظم النّاس
أعظم النّاس قدراً
المروّة
الرّأي
الإنجاز
البخل
الصّبر
أهل العفو
المصافحة
تشابه أهل البيت
هكذا أدّبنا الله
القرآن يوم القيامة
القرآن والقول فيه
خلا بينه وبينك
نفسك نفسك
أغلال أهل النّار
لو كانت الدّنيا له
عمّرت دار غيرك
زوّار الله
تمام المروءة
كذبتم والله
.. ولم تفعل شيئاً
وداع الأخوين

المقدمة

الإمام الحسن (عليه السلام) من قواعد الإشعاع الفكريّ، ومصادر الفكر الإسلامي، وقمم الحياة، التي استطالت حتى أحاطت بكلّ شيءٍ، فلم يعزب عنه ما يعزب عن غير المعصومين، من قمم الوجود الذين يسمّون (مفكرين) وشعراء الطبيعة، الذين يسمّون (أدباء).
فهو من أولئك الرجال الذين آثرهم الله بحاسّةٍ نفاذة تكتنه حقائق الأشياء، فلا تخفى عليهم خافية في الأرض ولا في السماء. انهم يرون ما يرى الناس - جميعاً - ويدركون - وحدهم - كنه ما يرون وما لا يرون، دون سائر الناس. وعند ما ينظرون إلى نجوم السماء، ورمال الصحراء، ومياه البحار، وأبراد الطبيعة، يشعرون بجمالها الآسر الخلاّب، ويدركون صلتها ببقية عناصر الطبيعة وما وراء الطبيعة، من الأزل حتى الأبد.
فأدبه ليس تملّقاً لجمالٍ، ولا ادّعاءاً لجمالٍ، وإنما هو صرخات تنطلق من قلب عبقريٍّ، نفذ إلى أغوار الأشياء، حتى عرف ما تباين منها، ثابتاً على قاعدةٍ واحدةٍ، وما اختلف منها، نابعاً من أصلٍ واحدٍ، وما تفرق منها مضموماً برباطٍ واحدٍ.
وبذلك الفكر الشامل، وهذا الأدب العميق، خرج إلى الناس يدوّي بصوته، ليلهم الأجيال هذا التناسق الجماليّ، الذي يجمع الكون وما وراء الكون، في وحدةٍ متداعمةٍ، طرفاها الأزل والأبد، وأبعادها كلّ ما خلق الله.
فأنّى ضربت في أدب الإمام الحسن (عليه السلام)، وجدته شاعراً بشيءٍ جديدٍ، ومبشّراً بشيءٍ جديد. وهو ذلك الرباط الخفيّ الشامل الذي يركّز مظاهر الحياة والموت، على أصولٍ ثابتةٍ، لا يجوز فيها القديم، والجديد ولا الأول والأخير، ولا تراه لحظةً يتغرغر - مع الأدباء - بعرض عواطفه، أو وصف الأشياء، التي يدركها هو والناس سواء بسواءٍ، بل تراه - دائما - يجهد لإيقاظ حسٍ جديدٍ في الناس. يطمئنهم إلى ان منظومات الكون، ليست حبّات مسبحةٍ انفرطت بلا نظام، وإنما هو منبثق عن الله في ابتدائه، ومرتبط به في دوامه، وعائد إليه في انتهائه، ولكنّه لا ينجز هذا العمل الفلسفيّ الشعريّ العميق، بلهجة الفيلسوف النابه وإنما بنزعة الفنان العظيم، الذي يشترك عقله وقلبه وذوقه في تصميم كلّ أداء، ليحيط بسامعه من عقله وقلبه وذوقه، فلا يترك فيه منفذاً يتسلّل اليه غيره بغير رأيه.
واذا قدّر لجميع العظماء أن يكونوا أدباء - على تباين ميادينهم الاجتماعية ومذاهبهم الفكرية - منذ داود، وسليمان، وأيوب، والمسيح، ومحمد إلى سقراط، وافلاطون، وادوار، ونابليون، وهتلر، فان الإمام الحسن (عليه السلام)، يتميّز - هو والقليل من الناس - بتفوّقٍ ظاهرٍ في كلّ ما قال أو كتب، فهو إمام في البلاغة، كما هو إمام في الدين، وفي كلامه اصالة الواقع، ووميض البروق، وهدير البراكين، ورخاء الاسحار وهينمات الأنسام.
لأن البيان الرفيع، التأم سابقه بلاحقه في الإمام الحسن (عليه السلام) فضمّ قوّة البيان الجاهليّ الصافي المنبثق من الفطرة السليمة إلى روعة البيان الإسلامي المهذّب، المنبثق من المنطق السليم، فجمع قوّة البلاغة الجاهلية، إلى روعة البلاغة النبوية، فاقتطف من كلّ طارفٍ وتليدٍ طريفاً، حتى اجتمعت فيه عناصر الأدب الرفيع، من الذوق المطبوع الذي ورثه من سلالته ومجتمعه، ومن رصيده العلمي الواسع، الذي جعله قويّ الحجّة، راسخ البرهان، ومن وعيه الاجتماعي الشامل، الذي اكتسبه من التجارب المرة الرهيبة، التي خاضها برباطةٍ وصمودٍ، والازمات العصيبة التي لفّته بعنفٍ لا توجد في القواميس لفظة تعبّر عنها بصدقٍ وأمانة، والتطاحن الفكريّ الجبار، الذي عاشه بعقله في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وبكل كيانه في أيامه وأيام أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام).
وهذه العناصر، صقلت المؤهلات الذاتية للإمام الحسن (عليه السلام) فكانت الآلام التي انصبت عليه انصباباً، مبضعاً فجّر معين البلاغة في قلبه، على جرّ لسانه، فتدفقت البلاغة، بانسيابٍ تلقائي، يحكي كلّ ما في الواقع من حرارة، وفي الفكر من لوعة، ليهيمن على العقل والقلب والضمير فلا تجد إزاءه إلا أن تردّد ما يقول بخشوع واستسلام، وإذا كتب انتزع من مهجة الأزل إلى ضمير الأبد قصة الدمع والدم والنار، فكتب على الورق، أوجاع قلبه ونحيب مجتمعٍ تدافع في مهجته، فجرى يراعه بمدادٍ من عصير الشمس، ليؤكّد الحقّ الذي اطمأنّ اليه، فظلّ يدور معه حيثما دار، ويكافح الباطل الذي انقشع عنه، ليلاحقه أينما سار.
وكلام الإمام الحسن (عليه السلام) - جميعاً - ينضح بدلائل الشخصية النادرة، حتى كأنّ معانيه خواطر قلبه، واحداث زمانه.
تتجسّد على لسانه كلاماً، فيه من رنة الحق والجمال الخلوب، ما يطاول أبلغ الكلام بما هو أغنى وأجمل.
فكلمته المرتجلة، أقوى ما تكون الكلمة المرتجلة، من عمق الفكرة وفتنة التعبير، حتّى لا تنطلق من فمه، الاّ لتمضي مثلاً سائراً من بلدٍ إلى بلدٍ، ومن جيلٍ إلى جيلٍ، وهل تقطعت الكلمة الجزلة، باروع من هذه الاقوال (ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد) و(السداد: دفع المنكر بالمعروف) و(المجد: ان تعطي في العزم، وتعفو عن الجرم) و(العقل حفظ كلّ ما استوعيته) و(القبور محلتنا، والقيامة موعدنا، والله عارضنا).
وخطبته، اروع ما تكون الخطبة، وخاصةً عندما يعالج أزمة في اصحابه، او يقارع طغمة من اعدائه، أي في الموقف الذي تثور فيه عواطفه الجياشة، ويهيج خياله الوهاب، بالنقمة والتذمّر فتعجّ فيها معان مفرقعة، تتتابع بقوةٍ كفرقعات المدافع، وصور حارة من لهيب قلبه، وأوار الاحداث حتى يأتي صلداً كالجلاميد، مزمجراً كالرعود، مشرقاً كالبروق.
وها هو يؤنّب اهل الكوفة، على تفريطهم به في سبيل معاوية فيقول:
(.. وايم الله، لا ترى امة محمدٍ خصباً، ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أمية، ولقد وجّه الله إليكم فتنةً، لن تصدّوا عنها حتى تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم إلى شياطينكم، فعند الله احتسب ما مضى وما ينتظر، من سوء رغبتكم، وحيف حكمكم..).
(..عرفت أهل الكوفة وتلوّنهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسداً، إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة، في قولٍ ولا فعلٍ، انهم لمختلفون، ويقولون: إن قلوبهم معنا، وسيوفهم لمشهورة علينا).
(..أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشيب السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع وكنتم تتوجّهون معنا، ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم الآن، ودنياكم أمام دينكم، وكنتم لنا وقد صرتم اليوم علينا، ثم أصبحتم تصدّون قتيلين، قتيلاً بصفّين تبكون عليهم وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم، فأما الباكي فخاذل واما الطالب فثائر..)
ففي هذه المواقف، تبدو قوة الإمام الحسن (عليه السلام)، في بلاغة الأداء وقوة التأثير، وتدرجه في إثارة شعور سامعيه، نحو ما يصبو اليه.
وانك لتعجب من نخوة العاطفة، تثور حتى تتقطّع، فاذا بعضها يزاحم بعضاً في هياجٍ رهيب، على مثل هذه الكلمات:
(.. غرر تموني كما غررتم من كان من قبلي، مع ايّ إمام تقاتلون بعدي؟ مع الكافر الظالم، الذي لا يؤمن بالله ولا برسوله قط، ولا اظهر الإسلام هو وبنو أمية الا فرقاً من السيف، ولو لم يبق لبني أمية الا عجوز درداء، لبغت دين الله عوجاً، وهكذا قال رسول الله..).
ترى ما في أقواله هذه، من الذكاء الشهم، والأصالة في التفكير والتعبير، تتدفق فكرة ولحناً، لتفسّر سبب حظوته بالقلوب، حتى (احبّه الناس اكثر مما احبوا أباه).
ومن هنا كان تراث الإمام الحسن (عليه السلام) في ذروة ما خلّفته الإنسانية لروّادها من نتاج الفكر والذوق، وان كان ما وصل الينا منه هو القليل القليل، وما محته الرياح السافيات، هو الكثير الكثير. ولكن هذا القليل، الذي انفلت من العصور المظلمة، التي كانت تتربص بكلّ بصيصٍ من النور، يؤلف صفحة كاملةً، لشخصيةٍ فذةٍ، تبقى في التاريخ مشرقةً كالشمس، نقيةً كالنجوم، خالدةً كالأبد.
ورغم ان آثار الإمام الحسن (عليه السلام)، منيت بإعراض بعضٍ وإنكار آخرين، فإنها كانت من القوّة والجدارة، أن فرضت نفسها على الحياة والتاريخ، رغم كلّ ما منيت به من إعراضٍ وإنكارٍ.
وفي هذه المجموعة، نعرض مختاراتٍ مما وصل الينا، كنموذج من المجموعة الضخمة التي توجد بين أيدينا الآن عسى أن نوفّق لنشرها في المستقبل القريب.

حسن
كتب في كربلاء المقدسة
ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك
عام 1384 هـ

إلهيات

الحمد لله (1)
الحمد لله الذي كان في أوّليّته، وحدانياً في أزليّته، متعظّماً بإلهيته، مت